الخميس، 14 يونيو 2012

القانون و القضاء في ظل دولة المزاج

الهادي ولد أحمدو
 تداعى منذ الاستقلال بضع رؤساء لموريتانيا أعظم ما يميز كل منهم هي الارتجالية في القرارات المصيرية و عدم الركون إلى العقل المتزن و استشارة أهل الخبرة و التخصص.و إذا كانت السياسة كما عرفها طلبة الطلبة هي حياطة الرعية بما يصلحها لطفا و عنفا.إلا أنها في موريتانيا بقيت مرتبطة بمزاج الحاكم و نزوعه نحو الشهرة  أو المحاباة أو جمعا للمال أو جهلا بمقتضيات السياسة العصرية و تقليد السلطان في العصور الخالية عن طريق تمركز السلطة في يد الزعيم وحده بالرغم من وجود الهيئات الدستورية التي أصبح وجودها صوريا في أحسن صوره . أما السمة الثانية للأنظمة البائدة و التي يمكن إسقاطها على إدارتنا فهي ارتباطها بالاحترام و التقديس و خلع القداسة على شخص الرئيس مما يولد لديه رغبة جامحة بالإنفراد بالحكم و تقزيم غيره من المجالس و الهيئات.
 إن من تداعيات الارتجال و العفوية في اتخاذ القرارات بكافة مستوياتها ما يعانيه قضاؤنا من تهميش و تدخل سافر من أصحاب النفوذ في الدولة ، بدءا من تلفيق التهم مرورا بتجاهل الوقائع و انتهاء بإصدار الأحكام الجزافية ، إن دولة لا تحترم قضاءها حري بها أن لا توجد فمصيرها الجمود و التخلف. كذلك من تداعياتها الإحباط الذي يشعر به المجتمع من هذه الحكومة ذات المزاج في التعاطي مع القضايا ، (على سبيل المثال لا الحصر التعامل مع إضرابات التعليم و الصحة) ، كذلك فإن القانون وجد ليعطي كل ذي حق حقه و هو ما لا يمكن تحقيقه في سياق منع الحكومة ورئيسها من المساءلة و المحاكمة لكن القانون وجد أيضا ليحمي ثروات البلاد من النهب و التبذير و عندما يعطل من الذي سيحمي ثروات البلاد هل هو ورع الرئيس و تجنبه للشبهات أم ورع  و تحرج وزرائه و هم الذين لم يشهد لهم أحد يوما بحسن السيرة و السلوك اتجاه المال العام و لم يسمع عن أي منهم مثل ذلك الورع  من قبل و لا من بعد. أما أن يعطل القانون و يتركوا على مزاجهم و هواهم بل و نجد بعد ذلك من المجتمع بل و من مثقفيه من يثني على فلان منهم أو فلان بحجة أنهم لم يقتاد أي منهم بعد للسجن و لا إلى المشنقة.
 إني والله أوصيهم  بما أوصى الرسول صلى الله عليه و سلم أبا هريرة قائلا ::" يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس "  و هذه النصيحة ليست حرصا مني عليهم بقدر ما هي حرص على ثروات البلد أن تنهب و تستغل للأغراض الدنيئة و حرص على بقاء فضل كرامة و إباء منهم عند هذا الشعب ، ما دام القانون ليس بعد سيد الموقف. و إلى أن تتحقق دولة القانون و العدالة التي يتساوى فيها الجميع و يخاف فيها الجميع من المخالفة كخوفهم من العقاب أحكي بعضا من روائع المأثور عن الورع حيث عند الحسن البصري: "ملاك الدين الورع". أما ابن المبارك فقد رجع من خراسان إلى الشام في رد قلم استعاره منها ، وأبو يزيد إلى همدان لرد نملة وجدها في قرطم اشتراه وقال: غريبة عن وطنها ، وابن أدهم من القدس للبصرة لرد تمرة فأين أنتم من قوة ورع هؤلاء و نرجو أن يخاف من الحكومة على آخرته من لم يخف على دنياه بعد منهم . أما القصة الأخرى فقصة أكتفي بذكر أبطالها و هم الشعب المصري و التونسي و الليبي و قريبا الموريتاني حتى يعود للقانون و القضاء الهيبة والمصداقية و القوة التي لا وجود لهما بدونها.
                               elhadiahmedou@yahoo.fr

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.